فصل: ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِشُعُورِ الْمَيْتَةِ وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِشُعُورِ الْمَيْتَةِ وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِشُعُورِ الْمَيْتَةِ وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَمِمَّنْ أَبَاحَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا غُسِلَ، وَقَالَ الْأَعْمَشُ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يَرَوْنَ أَنَّ غَسْلَ صُوفِ الْمَيْتَةِ طَهُورُهُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالُوا: يُغْسَلُ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الرِّيشِ، وَالْعَصَبُ، وَالصُّوفُ ذَكِيٌّ كُلُّهُ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ صُوفِ الْمَيْتَةِ فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَسْمَعْ أَنَّهُ يُرَخَّصُ إِلَّا فِي إِهَابِهَا إِذَا دُبِغَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي إِهَابِ الْمَيْتَةِ: إِذَا دُبِغَ وَلُدِكَ عَلَيْهِ شَعْرُهُ، فَمَاسَّ الْمَاءَ شَعْرُهُ نَجِسَ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي بَاطِنِهِ، وَكَانَ شَعْرُهُ طَاهِرًا لَمْ يَنْجَسِ الْمَاءُ إِذَا لَمْ يَمَاسَّ شَعْرَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ أَوِ الْبَعِيرَ أَوِ الْبَقَرَةَ إِذَا قُطِعَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ عُضْوٌ وَهُوَ حَيٌّ، أَنَّ الْمَقْطُوعَ مِنْهُ نَجِسٌ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِأَشْعَارِهَا، وَأَوْبَارِهَا، وَأَصْوَافِهَا جَائِزٌ، إِذَا أُخِذَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَهِيَ أَحْيَاءٌ، فَفِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ وَالشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ بَيَانٌ عَلَى افْتِرَاقِ أَحْوَالِهَا، وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ هُوَ الَّذِي إِذَا فَاتَ أَنْ يُذَكَّى حَرَامٌ، وَأَنَّ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ وَلَا حَيَاةَ فِيهِ طَاهِرٌ أُخِذَ مِنْهَا ذَلِكَ وَهِيَ أَحْيَاءٌ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا، إِذْ لَا حَيَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِيهَا حَيَاةٌ كَانَتْ كَالْأَعْضَاءِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ، فَلَا بَأْسَ بِشَعْرِ الْمَيْتَةِ وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، فَأَمَّا عَطَاءٌ، فَإِنَّمَا كَرِهَهُ، وَقَدْ يُكْرَهُ الشَّيْءُ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى التَّحْرِيمِ لَمْ يُحَرِّمْهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ حَرَّمَهُ، وَلَوْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْهُ لَكَانَ خِلَافًا لِقَوْلِ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ.
859- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو النَّصْرِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّاسُ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ، وَيَقْطَعُونَ أَلْيَةَ الْغَنَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الشَّعْرَ، وَلَا الصُّوفَ، وَلَا الْوَبَرَ، وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يُوَافِقِ مَذْهَبَنَا: يُقَالُ لِمَنْ يُخَالِفُ مَا قُلْنَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيِّتٌ» وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَلِمَ أَبَحْتَ الِانْتِفَاعَ بِشَعْرِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِذَا جُزَّ وَهُوَ حَيٌّ؟، فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا يَمُوتُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ قِيلَ: وَكَذَلِكَ هُوَ بَعْدَ مَوْتِ الشَّاةِ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ بِمَوْتِ الشَّاةِ مَا يَمُوتُ بِمَوْتِهَا، وَمَا كَانَ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّكَاةِ وَمُوَافَقَتِكَ إِيَّانَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَيَاةِ الشَّاةِ تُوجِبُ عَلَيْكَ الْقَوْلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ.

.ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى طَهَارَةِ شُعُورِ بَنِي آدَمَ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ.
860- أَخْبَرَنَا حَاتِمٌ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ الْقُرْدُوسِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَذَبَحَ نُسُكَهُ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَ الْحَلَّاقَ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ.
861- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَلَّاقُ يَحْلِقُهُ، وَقَدْ أَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَقَعَ شَعْرُهُ إِلَّا فِي يَدِ رَجُلٍ.
862- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، ثنا أَبَانُ، ثنا يَحْيَى، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَ النَّحْرِ هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَسَمَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَايَا فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ، وَلَا صَاحِبَهُ فَحَلَقَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبِهِ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ وَقَلَّمَ أَظْافَرَهُ، وَأَعْطَى صَاحِبَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ مَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شُعُورِ بَنِي آدَمَ، فَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُنْتَفَعَ بِشُعُورِ النَّاسِ الَّتِي تَحْلِقُ بِمِنًى، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: كُلُّ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ يَجُوزُ مِلْكُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِشَعْرِهِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا يَمُوتُ، وَذَلِكَ كَالْإِنْسَانِ، وَهُوَ طَاهِرٌ وَشَعْرُهُ طَاهِرٌ، فَإِذَا جُزَّ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا ذَكَاةَ عَلَيْهِ، وَلَا حَيَاةَ فِيهِ، وَهُوَ بَعْدَ الْجَزِّ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَ مَوْتِ الْإِنْسَانِ وَقَبْلَهُ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لَا يَتَغَيَّرُ، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَالسِّنَّوْرُ، وَكُلُّ مَا مَلِكَهُ وَكَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ حَيَاتِهِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَجُزْ مِلْكُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَكَذَلِكَ شَعْرُهُ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَذَلِكَ كَالْخِنْزِيرِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا ذَاكِرٌ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْخِنْزِيرِ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَقَالَ آخَرُ: مِمَّا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يُصَلِّي وَعَلَى ثَوْبَهُ بَعْضُ الشَّعْرِ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَفِيمَا يَجِدُونَهُ فِي أَطْعِمَتِهِمْ وَأَشْرِبَتِهِمْ مِنَ الشَّعْرِ، لَا يَتَعَافُونَ ذَلِكَ بَيَانٌ عَلَى أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ، وَلَيْسَ مَعَ مَنِ ادَّعَى أَنَّ شُعُورَ بَنِي آدَمَ نَجِسَةٌ حُجَّةٌ تَلْزَمُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَسْمٍ مِنْ قَسْمِ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ النَّاسِ بَيَانٌ عَلَى طَهَارَةِ الشَّعْرِ، وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: شَعْرُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَقْصُرُ فَهْمُهُ يَقُولُهُ: وَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ شُعُورُ سَائِرِ النَّاسِ كَشَعْرِهِ نَبَيِّنُ لَهُ لَيْسَ يَدْخُلُ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ شَيْئًا إِلَّا دَخَلَ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَجُّ فِي طَهَارَتِهِ بِفَرْكِ عَائِشَةَ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَنْ يَدْخُلَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْءٌ إِلَّا دَخَلَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ، وَالتَّحَكُّمُ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْقَوْلِ لَا يُفَارِقُ بَعْضَ مَنْ خَالَفَ مَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَسَّ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ زَوْجَتِهِ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ، وَإِنْ مَسَّ شَعْرَهَا لَمْ تُنْتَقَضْ طَهَارَتُهُ، وَقَوْلُهُ: لَهَا شَعْرُكِ طَالِقٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: لَهَا رِجْلُكِ طَالِقٌ، فَقَدْ جَعَلَ الشَّعْرَ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا فِي بَابِ الطَّهَارَةِ، قَالَ: شُعُورُ بَنِي آدَمَ، وَمَا لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِهِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ مَا قُطِعَ مِنَ الْحَيِّ هُوَ مَيِّتٌ فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي شُعُورِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَيْسَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُصَلِّي الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَاصِلَيْنِ شَعْرَ إِنْسَانٍ بِشُعُورِهِمَا، وَلَا شُعُورَهُمَا بِشَيْءٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا شَعْرُ شَيْءٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إِلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَعْرُهُ، وَهُوَ حَيٌّ، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الذَّكِيِّ كَمَا يَكُونُ اللَّبَنُ فِي مَعْنَى الذَّكِيِّ أَوْ يُؤْخَذُ بَعْدَمَا يُذَكَّى مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَتَقَعُ الزَّكَاةُ عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْهُ وَمَيْتٍ، وَإِنْ سَقَطَ مِنْ شُعُورِهِمَا شَيْءٌ فَوَصَلَا بِشَعْرِ إِنْسَانٍ أَوْ شُعُورِهِمَا لَمْ يُصَلِّيَا فِيهِ، فَإِنْ فَعَلَا أَعَادَا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ مِثْلَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمَا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِخَبَرِ أَسْمَاءَ.
863- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللهِ، إِنَّ ابْنَةً لِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَتَمَزَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُ بِهِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ لَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمَوْصُولَةِ لَمْ يَخُصَّ شَعْرَ مَيِّتٍ دُونَ شَعْرِ حَيٍّ وَلَا شَعْرَ حَيٍّ دُونَ شَعْرِ مَيِّتٍ وَلَا شَعْرَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ دُونَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بَلْ أَجَابَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَوَابًا عَامًّا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» فَذَلِكَ عَامٌّ مُطْلَقٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُوصِلَ شَعْرَهَا بِشَعْرِ شَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا مِمَّا لَا يُؤْكَلُ حَيًّا، وَلَا مَيِّتًا عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِنَجَاسَةٍ فِي الشَّعْرِ الْمَوْصُولِ، وَلَكِنَّهُ تَعْبُدٌ تَعَبَّدُ بِهِ النِّسَاءُ، وَذَلِكَ كَلَعْنَةِ النَّامِصَةِ، وَالْمُتَنَمِّصَةِ، وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ، وَالْمُتَفَلِّجَةِ لِلْحُسْنِ.
864- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَعَنَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.
865- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَعَنَ عَبْدُ اللهِ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمَوْشُومَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ: إِنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، قَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَتْ قَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَتَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ، فَقَالَ لَهَا: أَقْرَأَتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] الْآيَةَ، فَإِنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهُ، فَقَالَتْ: إِنْ أَهْلَكَ أَظُنُّهُ مُفَصَّلَةً، قَالَ: فَاذْهَبِي وَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا.
866- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: زَجَرَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ فِي شَعْرِهَا شَيْئًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْفَرَّاءُ: النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ وَالْمُتَنَمِّصَةُ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُ الْفَرَّاءُ: الْوَاشِرَةُ الَّتِي تَشِرُ أَسْنَانِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا تُفْلِجُهَا وَتُحَدِّدُهَا حَتَّى يَكُونَ لَهَا أَشَرٌ، وَالْأَشَرُ مُحَدَّدٌ وَرِقَّةٌ فِي أَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي أَسْنَانِ الْأَحْدَاثِ تَفْعَلُهُ الْكَبِيرَةُ لِتَتَشَبَّهَ بِأُولَئِكَ، وَأَمَّا الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، فَإِنَّهُ فِي الشَّعْرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَصِلُهُ بِشَعْرٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، فَإِنَّ الْوَشْمَ فِي الْيَدِ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَغْرِزُ كَفَّهَا أَوْ مِعْصَمَهَا بِإِبْرَةٍ أَوْ مَسَلَّةٍ حَتَّى تُؤَثِّرَ فِيهِ، ثُمَّ تَحْشُوهُ بِالْكُحْلِ فَيَخْضَرُّ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِدَارَاتٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَاللَّازِمُ لِمَنْ يَقُولُ بِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشُعُورِ بَنِي آدَمَ أَوْ شُعُورِ الْبَهَائِمِ، وَهِيَ عَالِمَةٌ بِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَلْحَقُهَا إِلَّا أَنْ تَدُلَّ حُجَّةٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى إِبَاحَةِ بَعْضِ ذَلِكَ فَيَسْتَثْنِي مِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَجَّةَ، وَلَا نَعْلَمَ خَبَرًا يُوجِبَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بِهِ النَّهْيُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ شَعْرِ بَنِي آدَمَ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِالصُّوفِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

.ذِكْرُ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ:

قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [البقرة: 173] الْآَيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ.
867- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: وَهُوَ بِمَكَّةَ: أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُول اللهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهِ الْجُلُودُ، وَيَسْتَنْفِعُ بِهَا النَّاسُ، قَالَ: «لَا؛ هِيَ حَرَامٌ»، ثُمَّ قَالَ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَّلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْخِنْزِيرُ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ شَعْرِهِ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُخْرَزَ بِهِ رَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جَرَبٍ مِنْ جُلُودِ الْخَنَازِيرِ يُحْمَلُ فِيهَا مَدِيدٌ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَرَخَّصَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي شِرَائِهِ، وَكَرِهَ بَيْعُهُ، وَكَرِهَ النُّعْمَانُ شِرَاءَهُ وَبَيْعَهُ، وَكَرِهَ اسْتِعْمَالَ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ يُخْرَزُ بِاللِّيفِ أَحَبُّ إِلَيْنَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمُحَرَّمِ بِحَالٍ اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا قِيلَ فِي شُحُومٍ أَنَّهُ يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَنْفِعُ بِهَا النَّاسُ، قَالَ: «لَا، هِيَ حَرَامٌ»، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الْيَهُودِ، فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ دَلِيلٌ أَنَّ مَا حَرَّمَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرَّمٌ اسْتِعْمَالُهُ، وَمُحَرَّمٌ بَيْعُهُ، وَشِرَاؤُهُ، وَيَدُلُّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.
868- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ بَرَكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عِنْدَ الرُّكْنِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ» ثَلَاثًا، «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ شَيْئًا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ».